"إيران إنترناشيونال": تلوث الهواء بلغ مستويات خطِرة على الصحة
"إيران إنترناشيونال": تلوث الهواء بلغ مستويات خطِرة على الصحة
تواصل المدن الإيرانية، وعلى رأسها العاصمة طهران، الغرق في موجة خانقة من تلوث الهواء غير المسبوق، مع بلوغ مستويات التلوث حدودًا وصفتها الجهات المختصة بـ"الخطِرة" على الصحة العامة، بينما تُقابل هذه الأزمة بجمود حكومي وتجاهل واضح للمطالب الشعبية بحماية البيئة والصحة.
أعلنت شركة مراقبة جودة هواء طهران، أن مؤشر تلوث الهواء في العاصمة بلغ 159 نقطة، أي ضمن الحالة "الحمراء" المصنفة على أنها غير صحية لجميع فئات السكان، بما في ذلك الأصحاء، بحسب ما ذكر موقع "إيران إنترناشيونال"، الأحد.
وسجّل المؤشر متوسطًا قدره 153 خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، وهو ما يُعد خطرًا مباشرًا على الفئات الهشة صحيًا كالأطفال وكبار السن ومرضى القلب والجهاز التنفسي.
ووفق التصنيف الرسمي لجودة الهواء، فاللون الأحمر يُشير إلى الهواء غير الصحي، واللون البنفسجي يدل على "التلوث الشديد"، واللون البني يعكس "الخطر البيئي".
ومع استمرار ارتفاع تركيز الجسيمات الدقيقة (PM2.5) -وهي الجزيئات التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرون وتخترق الجهاز التنفسي بسهولة- يصبح الوضع البيئي في العاصمة قاب قوسين من الدخول في نطاق الكارثة.
وفي تطور أكثر خطورة، نقلت وكالة "تسنيم" التابعة للحرس الثوري أن متوسط مؤشر جودة الهواء في طهران بلغ 324 نقطة في الأيام الماضية، وهو رقم يصنف علميًا في المنطقة "الخطِرة" وفق معايير منظمة الصحة العالمية.
الهواء لا يُحتمل
تشير تقارير نظام مراقبة جودة الهواء في البلاد إلى أن 21 مدينة في محافظة الأهواز تعيش أوضاعًا بيئية حرجة، بين الحالة "الحمراء" و"البرتقالية"، مع تسجيل مدينة حميدية للمستوى البنفسجي أي تلوث "شديد الخطورة".
وتُعد هذه المدن من أكثر المناطق تضررًا في السنوات الأخيرة، نتيجة التصحر وتراجع الغطاء النباتي والانفجارات السكانية العشوائية.
وفي محافظة قم، بلغ مؤشر جودة الهواء يوم 4 يوليو 114 نقطة، وهو ما يضعها في تصنيف "غير الصحي للفئات الحساسة"، حيث تُعد محافظة قم من أكثر المناطق عرضة للعواصف الترابية والبؤر النشطة للغبار، والتي بلغ عددها بحسب التقرير الرسمي أكثر من 24 بؤرة نشطة.
تحذير من عواصف ترابية
في محافظة البرز، أصدر مدير إدارة الأزمات محمد رضا فلاح نجاد تحذيرًا جويًا من المستوى الأصفر، وطالب الفئات الهشة بالبقاء في المنازل، مؤكدًا أن الرياح المثيرة للغبار أدت إلى تدهور حاد في جودة الهواء.
وحذرت هيئة الأرصاد الجوية في محافظة مركزي من ازدياد العواصف الرملية المنبعثة من صحارى البلاد الشرقية، والتي تؤدي إلى انتشار الغبار لمسافات طويلة، ما يُضاعف العبء البيئي.
وفي ظل هذا التدهور البيئي السريع، عبّر المواطنون عن استيائهم الحاد من تجاهل السلطات المستمر لصحتهم وسلامة أطفالهم، وأرسلوا عشرات الرسائل ومقاطع الفيديو إلى وسائل إعلام مستقلة.
قال أحد المواطنين من مدينة كرج: "كل المدينة مدفونة تحت طبقة سميكة من الغبار، والناس تختنق، في حين أن الحكومة تتحدث عن النمو الاقتصادي!"
وأرسل آخر من باكدشت مقطع فيديو يظهر سماء المدينة بلون رمادي كثيف، وانعدام الرؤية الأفقية، متسائلًا عن غياب الحكومة عن المشهد.
وفي رسالة أخرى، عبّر أحد المواطنين من "شهر ري" عن خيبة أمله من "تناقض النظام الإيراني الذي يتشدق بحب الوطن، في حين يترك الهواء يُنهي حياة الناس بصمت".
أمراض تتصاعد بسبب التلوث
في مقطع فيديو بثّه أحد السكان، تحدث عن أعراض الربو الحادة التي بدأ يعاني منها نتيجة التلوث المستمر، وأظهر قائمة بالأدوية التي وصفها الطبيب له، مؤكدًا أن أسعارها باتت تفوق القدرة الشرائية لمعظم المواطنين، في ظل التدهور الاقتصادي والغلاء الفاحش.
ويؤكد خبراء البيئة أن استمرار الجفاف، وانعدام الأمطار، واتساع رقعة التصحر، إضافة إلى تآكل البنية التحتية البيئية وفشل السياسات الحكومية، قد يُحوّل صيف هذا العام إلى صيف كارثي من الناحية البيئية والصحية في البلاد.
وحذّروا من أن التعرض المستمر لمستويات مرتفعة من الجسيمات الدقيقة قد يؤدي إلى تلف دائم في الرئتين، وزيادة معدلات الوفاة المبكرة، والسرطانات التنفسية.